مقال قانوني مختصر في استحقاق المدارس الاهلية للرسوم الدراسية بعد صدور قرارات بتعليق حضور الطلبة للمدارس كإجراءات احترازية اتخذتها حكومتنا الرشيدة للمكافحة والحد من انتشار وباء كورونا COVID-19 وللمحافظة على سلامة وصحة الطلاب والطالبات
حيث كثر الحديث والاستفسار من أولياء أمور الطلبة والطالبات الملتحقين بالمدارس الأهلية عن مدى استحقاق المدرسة للرسوم الدراسية بعد قرار تعليق حضور الطلاب للمدرسة.
وللإجابة وإبداء الرأي من وجهة نظري القانونية، فإنه يلزم توضيح أن العلاقة التعاقدية بين المدرسة وبين ولي أمر الطالب هي في حكم العقود المدنية المبنية على إرادة ورغبة طرفي التعاقد بحسب الشروط المدونة في العقد أو استمارة وبيانات قبول الطالب عند التحاقه بالدراسة في المدرسة الأهلية والتي يحدد فيها غالبا قيمة الرسوم الدراسية وآلية سدادها. وبهذا يتبين أن وزارة التعليم ليست طرفا في هذا التعاقد وبالتالي فلا صفة أو علاقة لها بما ينشأ بين طرفي التعاقد من خلافات مالية. وأن مرجع الفصل في ذلك يكون للقضاء والمحاكم المدنية.
ولا يفهم من ذلك عدم وجود رقابة وتقييم مستمر من قبل الوزارة على أداء تلك المدارس وقيمة الرسوم التي تفرضها على الطلاب وذلك من خلال لجنة متخصصة برئاسة وكيل الوزارة تنعقد بصفة شهرية لتقييم الأداء والكفاءة التعليمية للمدارس الأهلية. ومن مهامها النظر في مدى ملائمة الرسوم التي تفرضها المدرسة مقارنة بمستوى الخدمة المقدمة والمحدد لقياسها وفق نظام عمل اللجنة عدة معايير. من أهمها معيار تكلفة التعليم من حيث جودة مبنى المدرسة واتساعه وتجهيزاته من مختبرات ووسائل تعليمية وأنشطة تربوية، بالإضافة إلى ما تعتمده المدرسة بالنسبة لعدد الطلاب في الفصل الواحد، إضافة إلى عدد ومستوى الكوادر التعليمية والوظائف المساندة وغير ذلك. كما يعتمد التقييم على معيار الكفاءة التعليمية والذي يحكمه تصنيف المدرسة بحسب إنجازاتها التعليمية.
من واقع ما سبق شرحه ومن منطلق الواجب المهني والوطني، فإن من المتوقع من المدارس الأهلية النظر في إعادة تقييم الرسوم الدراسية اعتبارا من تاريخ تعليق حضور الطلاب للمدرسة وبما يتناسب مع الوضع الحالي القائم، حيث لا شك بأنه من الواضح والمعلوم بأن تكلفة الدراسة عن بعد خاصة مع إتاحة وزارة التعليم للمدارس الأهلية وبالتعاون مع نظام كلاسيرا للتعلم الإلكتروني الذكي منصة مجانية لاستخدامها في برامج التعليم عن بعد، حيث تقل التكلفة وبشكل ملحوظ بالنسبة لإدارة المدرسة. كما يقل عدد الكادر التعليمي والعديد من الكوادر المساندة مع تعليق الأنشطة الرياضية والمختبرية وغيرها.
مع الأخذ بالحسبان بأن العملية التعليمية لم تتوقف، حيث وضعت الوزارة آلية ومراقبة حثيثة على البرامج التعليمية عن بعد وتقييم أداء المدرسة ومستوى تحصيل الطلاب. مع إلزام المدارس بإرسال تقارير وافية للوزارة بذلك.
وخلاصة القول بأن المدارس الأهلية عليها مراجعة الرسوم الدراسية بعد تعليق الحضور وبما يتناسب مع نوع الخدمة المقدمة وإجراء حسم يوازي الخدمات التي لا يستفيد منها الطلاب والتي هي من ضمن التكلفة والأنشطة التي على أساسها تم احتساب الرسوم الدراسية. وخاصة فيما يتعلق برسوم النقل والتي لا أرى وجه لاستحقاقها لأن الأجرة إنما تكون مقابل العمل والخدمة المقدمة. فمتى انتفت أو توقفت الخدمة، فلا مجال للمطالبة بالأجر. كما يجدر الإشارة إلى الدعم الحكومي المعلن عنه بالنسبة للقطاع الخاص بشكل عام والذي يدخل فيه المدارس الأهلية.
هذا والله أعلم.
المستشار القانوني
المحامي/ محمد أسامه راضي